عذاب الانتظار
عدد المساهمات : 198 نقاطي : 512 تاريخ التسجيل : 03/02/2010
| موضوع: شوف اثار الحرب على غزة توصل لشوووووو الخميس فبراير 11, 2010 7:05 am | |
| الحرب الأخيرة علي قطاع غزة دمرت العديد من المنازل كما دمرت أحلام وأماني واستقرار العديد من الغزيين , لن نستطيع حصر الأضرار التي أحدثتها الحرب علي قطاع غزة فهي حصدت كل شيء علي وجه الأرض وما تحت الأرض كذلك ,والسؤال هنا هل الحرب أيضا غيرت نفوس البشر مثلما غيرت معالم الأرض . أبو محمد شيخ في منتصف العقد الثامن ,أب لثلاث أولاد وابنتين توفيت زوجته قبل خمس سنوات عاش وحيدا في منزلة في احد إحياء مدينة غزة , تؤنس وحدته بعض الذكريات التي عاشها مع زوجته و أولاده , ورغم كبر سن أبو محمد إلي انه استطاع أن يتدبر أموره المعيشية فهو يستلم مخصصات من شئون الحكومة وكذلك من وكاله الغوث وكانت تكفيه هذه المخصصات و يعد لنفسه الطعام والشراب وتمر علية احدي بنات ابنته كل أسبوع تنظف البيت وتساعده ببعض الأعمال المنزلية و أولاده يفتكرونه كل شهر أو اقل ويأتوا إلي زيارته أو يأخذوه إلي بيوتهم يجلس عدة ساعات عندهم ثم يرجعوه ليحدث جدران المنزل وحيدا , لم يكن يتذمر فهو يشعرانه ثقيل وان أولاده وزوجاتهم لن يتحملوا رجلا بسنه . لكن الحال تغير في الحرب الأخيرة علي قطاع غزة هرب أبو محمد إلي بيت احد أولاده خلال فترت الحرب لان منزلة يقع في منطقة حدودية,بعد انتهاء الحرب رجع أبو محمد إلي بيته ليجد أن بيته ركام بعد أن قصفته طائرات الاحتلال . هدم بيت أبو محمد وهدمت معه كل الذكريات ,أصبح أبو محمد لا يعرف من سيقبل به ليعيش معه من أولاده أخذه ابنه الكبير ,في أول ليلة سمعهم وهم يجتمعون ويتقاسموه بينهم , شعر بألم وحرقة لم يستطع أن يعترض وبالفعل أصبح يقضى عند كل واحد من أبنائه أسبوع , ولم تستثنى بناته من التقسيمة، ورغم تلك التقسيمة كان يشعر بأنه ثقيل من خلال تصرفاتهم وأسلوبهم الجاف معه ،وقبل أسابيع من احتفل العالم بالذكري الأولي لحرب غزة, سمع أبو محمد احد أزواج بناته وهو يصرخ على زوجته بسبب أبيها معلنا لها بصراحة انه لا يستطيع أن يتحمل والدها لأكثر من يوم، فصغرت الدنيا في وجه وصعبت عليه نفسه أصيب على أثرها بجلطة دماغية شلت بعض أجزاء جسمه ليصبح قعيدا يحتاج لرعاية وعناية خاصة وزاد حمل أولاده ورفضت زوجاتهم العناية بوالدهم بوضعه الجديد فقرروا أن يتخلصوا منه .
أخذوه والقوا به علي طريق صلاح الدين وهو طريق يصل جنوب القطاع بشماله ,تم الإلقاء به علي الطريق الذي يصل خانيونس بدير البلح وكأنه قطعة خردة تم الاستغناء عنها لانتهاء صلاحيتها "عذرا أبا محمد علي هذا التشبيه " عندما رأته السيارات وهو يلقي به توقفت عنده وتجمهر حوله بعض المارة كان ينظر لهم ولسان حاله يقوله ارحموا عزيز قوم ذل ,وسأله احدهم عن عائلته رفض أن ينطق باسم عائلته كانت الدموع تملأ عينية وكل جسمه ينفض من هول الفاجعة لم يكن يتوقع أن تكون هذه نهايته وان يكون قد اخطأ بتربية أولاده .
من بين الذين تجمهروا علي أبو محمد أبو رائد الذي تعرف عليه فحملة بين ذراعية ونقلة إلي السيارة التي كانت تنقلة وذهب به إلي بيته.
يحدثنا أبو رائد " لم أكن أتوقع أن أجد أبو محمد ملقي هكذا في الشارع وهو لا يقوى على الحراك ,أبو محمد صديق والدي الذي توفي قبل سنتين وأنا افتكره جيدا فقد كان يأتي إلي بيتنا ويلعب معنا وقبل أن يذهب إلي بيته يعطينا شيكل حتى نشتري به ,عندما رأيته افتكرت والدي وتخيلت أن يوضع والدي بهذا الوضع فتألمت عليه لذلك أخذته إلي بيتي ونظفته وألبسته ملابس جديدة غير التي كان يلبسها وأطعمته ,وأخبرته أن يطلب ما يشاء وان يعتبر بيتي هو بيته وأخبرت زوجتي وأولادي بان يعاملوه معاملة جدهم , حاولت أن اتصل في أولاده لكن أبو محمد رفض أن أحادثهم ,جميع أولاد أبو محمد يعملون وهم بوضع جيد كما أنهم اخذوا كل التعويضات التي صرفت له بسبب تدمير بيته من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ". وأضاف أبو رائد في اليوم التالي ذهبت إلي غرفة أبو محمد حتى أطعمة فوجدته قد فارق الحياة حزنت عليه لدرجة أني شعرت بفقدان والدي للمرة الثانية كما أن أولادي قد حزنوا كثيرا عليه .وتحيرت هل افتح له بيت عزاء أم اخبر أولاده ,ولكن في النهاية قررت أن اخبر أولاده أن يأخذوا عزاءه وكإحراج لهم من تصرفهم الذي تصرفوه باتجاه والدهم ,فذهبت لهم لأخبرهم بوفاة والدهم فوجدتهم قد فتحوا بيت عزاء لوالدهم واعتبروه انه ميت بعد أن القوا به في الشارع , فأخبرتهم باني أخذت والدهم وانه قد توفي اليوم ,لم ينطقوا بأي كلمة ,وطالبوا مني جثة والدهم حتى يدفنوها لكني رفضت وقمت بدفنه في خانيونس بالقرب من والدي حتى اقرأ علية الفاتحة عند زيارة والدي " هذا ما انتهت علية قصة أبو محمد, إحداث تقشعر لها الأبدان هل هذا ما وصل له أهلنا في قطاع غزة هل الحرب والحصار والظروف الاقتصادية أفقدتنا الإحساس بالأب وألام والأهل, أم أن الأولاد تغيروا في هذا الزمان. | |
|